الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني المشهور بـ «تفسير الألوسي»
وقال الراغب: أصله حق فأبدل من أحد حرفي التضعيف حرف علة كتظننت، وتظنيت أو هو مثل ذمة وذامة، والمعروف في اللغة ما اختاره الزجاج.وقال الأزهري: جعل أبو إسحق حاق عنى أحاط، وكأنه جعل مادته من الحوق «بالضم وهو ما أحاط بالكمرة من حروفها» وقد يفتح كما في القاموس وجعل أحد معاني الحوق بالفتح الإحاطة؛ وفيه أيضًا «حاق به يحيق حيقًا وحيوقا وحيقانا بفتح الياء أحاط به كأحاق وفيه السيف حاك وبهم الأمر لزمهم ووجب عليهم ونزل، وأحاق الله تعالى بهم مكرهم. والحيق ما يشتمل على الإنسان من مكروه فعله». وظاهره أن حاق يائي وعليه غالب أهل اللغة وهو مخالف لظاهر كلام الأزهري من أنه واوي. و{مِنْهُمْ} متعلق بسخروا والضمير للرسل. ويقال: سخر منه وبه كهزأ منه وبه فهما متحدان معنى واستعمالًا. وقيل: السخرية والاستهزاء عنى لكن الأول قد يتعدى بمن والباء. وفي الدر المصون لا يقال إلا استهزأ به ولا يتعدى ن. وجوز أبو البقاء أن يكون الضمير للمستهزئين والجار والمجرور حينئذ متعلق حذوف وقع حالا من ضمير الفاعل في «سخروا» ورد بأن المعنى حينئذ فحاق بالذين سخروا كائنين من المستهزئين ولا فائدة لهذه الحال لانفهامها من سخروا وأجيب بأن هذا مبني على أن الاستهزاء والسخرية عنى وليس بلازم فلعل من جعل الضمير للمستهزئين يجعل الاستهزاء عنى طلب الهزء فيصح بيانه ولا يكون في النظم تكرار.فعن الراغب الاستهزاء ارتياد الهزء وإن كان قد يعبر به عن تعاطي الهزء كالاستجابة في كونها ارتيادًا للإجابة وإن كان قد يجري مجرى الإجابة.وجوز رجوع الضمير إلى أمم الرسل ونسب إلى الحوفي ورده أبو حيان بأنه يلزم إرجاع الضمير إلى غير مذكور وأجيب عنه بأنه في قوة المذكور. و{بالذين} متعلق بحاق وتقديمه على فاعله وهو ما للمسارعة إلى بيان لحوق الشر بهم. وهي إما مصدرية وضمير به للرسول الذي في ضمن الرسل. وإما موصولة والضمير لها والكلام على حذف مضاف أي فأحاط بهم وبال استهزائهم أو وبال الذي كانوا يستهزؤون به. وقد يقال: لا حاجة إلى تقدير مضاف، وفي الكلام إطلاق السبب على المسبب لأن المحيط بهم هو العذاب ونحوه لا الاستهزاء ولا المستهزأ به لكن وضع ذلك موضعه مبالغة. وقيل: إن المراد من الذي كانوا يستهزؤون هو العذاب الذي كان الرسل يخوفونهم إياه فلا حاجة إلى ارتكاب التجوز السابق أو الحذف وقد اختار ذلك الإمام الواحدي. والاعتراض عليه بأنه لا قرينة على أن المراد بالمستهزأ به هو العذاب بل السياق دليل على أن المستهزأ بهم الرسل عليهم الصلاة والسلام يدفعه أن الاستهزاء بالرسل عليهم الصلاة والسلام مستلزم لاستهزائهم بما جاؤوا به وتوعدوا قومهم بنزوله وان مثله لظهوره لا يحتاج إلى قرينة.ومن الناس من زعم أن {نَخْسِفْ بِهِمُ} كناية عن إهلاكهم وإسناده إلى ما أسند إليه مجاز عقلي من قبيل أقدمني بلدك حق لي على فلان إذ من المعلوم من مذهب أهل الحق أن المهلك ليس إلا الله تعالى فإسناده إلى غيره لا يكون إلا مجازًا وأنت تعلم أن الحيق الإحاطة ونسبتها إلى العذاب لا شبهة في أنها حقيقة ولا داعي إلى تفسيره بالإهلاك وارتكاب المجاز العقلي، ولعل مراد من فسر بذلك بيان مؤدى الكلام ومجموع معناه. نعم إذا قلنا: إن الإحاطة إنما تكون للأجسام دون المعاني فلابد من ارتكاب تجوز في الكلام على تقدير إسنادها إلى العذاب لكن لا على الوجه الذي ذكره هذا الزاعم كما لا يخفى. وفي جمع «كانوا ويستهزؤون» ما مر غير مرة في أمثاله. و{بِهِ} متعلق بما بعده وتقديمه لرعاية الفواصل.
ومنع بعضهم مجيء إلى عنى في في كلامهم ولو صح ذلك لجاز زيد إلى الكوفة عنى في الكوفة وتأول البيت بتضمين مضافًا أو مبغضًا أو مكرهًا، وأجيب بأن ذلك إنما يرد إذا قيل: إن استعمال إلى عنى في قياس مطرد ولعل القائل بالاستعمال لا يقول بما ذكر، وارتكاب التضمين خلاف الأصل، وارتكاب القول بأن إلى عنى في وإن لم يكن مطردًا أهون منه، وقيل: إنها عنى اللام، وقيل: زائدة والخطاب للكافرين كما هو الظاهر من السايق، وقيل: عام لهم وللمؤمنين بعد أن كان خاصًا بالكافرين أي ليجمعنكم أيها الناس إلى يوم القيامة {لاَ رَيْبَ فِيهِ} أي لا ينبغي لأحد أن يرتاب فيه لوضوح أدلته وسطوع براهينه التي تقدم بعض منها. والجملة حال من اليوم والضمير المجرور له، ويحتمل أن تكون صفة لمصدر محذوف والضمير له أي جمعًا لا ريب فيه، وجوز أن تكون تأكيدًا لما قبلها كما قالوا في قوله تعالى: {ذلك الكتاب لاَ رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2].{الذين خَسِرُواْ أَنفُسَهُم} بتضييع رأس مالهم وهو الفطرة الأصلية والعقل السليم والاستعداد القريب الحاصل من مشاهدة الرسول صلى الله عليه وسلم واستماع الوحي وغير ذلك من آثار الرحمة، وموضع الموصول قيل: نصب على الذم أو رفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف أي أنتم الذين وهو نعت مقطوع ولا يلزم أن يكون كل نعت مقطوع يصح اتباعه نعتًا بل يكفي فيه معنى الوصف ألا ترى إلى قوله تعالى: {وَيْلٌ لّكُلّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ الذي جَمَعَ مَالًا} [الهمزة: 1، 2] كيف قطع فيه {الذى} مع عدم صحة اتباعه نعتًا للنكرة فلا يرد أن القطع إنما يكون في النعت والضمير لا ينعت، وقيل: هو بدل من الضمير بدل بعض من كل بتقدير ضمير أو هو خبر مبتدأ على القطع على البدلية أيضًا ولا اختصاص للقطع بالنعت، ولعلهم إنما لم يجعلوه منصوبًا بفعل مقدر أو خبرًا لمبتدأ محذوف من غير حاجة لما ذكر لدعواهم أن مجرد التقدير لا يفيد الذم أو المدح إلا مع القطع.واختار الأخفش البدلية، وتعقب ذلك أبو البقاء بأنه بعيد لأن ضمير المتكلم والمخاطب لا يبدل منهما لوضوحهما غاية الوضوح وغيرهما دونهما في ذلك.وقيل: هو مبتدأ خبره {فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} والفاء للدلالة على أن عدم إيمانهم وإصرارهم على الكفر مسبب عن خسرانهم فإن إبطال العقل باتباع الحواس والوهم والانهماك في التقليد أدى بهم إلى الإصرار على الكفر والامتناع عن الإيمان، وفي الكشاف «فإن قلت: كيف يكون عدم إيمانهم مسببًا عن خسرانهم والأمر على العكس؟ قلت: معناه الذين خسروا أنفسهم في علم الله تعالى لاختيارهم الكفر فهم لا يؤمنون». وحاصل الكلام على هذا الذين حكم الله تعالى بخسرانهم لاختيارهم الكفر فهم لا يؤمنون، والحكم بالخسران سابق على عدم الإيمان لأنه مقارن للعلم باختيار الكفر لا لحصوله بالفعل فيصح ترتب عدم الإيمان عليه من هذا الوجه، وأنت تعلم أن هذا السؤال يندفع بحمل الخسران على ما ذكرناه، ولعله أولى مما في الكشاف لما فيه من الدغدغة، والجملة كما قال غير واحد تذييل مسوق من جهته تعالى لتقبيح حالهم غير داخلة تحت الأمر. وقيل: الظاهر على تقدير الابتداء عطف الجملة على {لاَ رَيْبَ فِيهِ} فيحتاج الفصل إلى تكلف تقدير سؤال كأنه قيل: فلم يرتاب الكافرون به؟ فأجيب بأن خسرانهم أنفسهم صار سببًا لعدم الإيمان، وجوز على ذلك التقدير كون الجملة حالية وهو كما ترى.هذا ومن باب الإشارة في الآيات: {الحمد للَّهِ الذي خَلَقَ السموات والأرض} أي سموات عالم الأرواح وأرض عالم الجسم، ويقال: الروح سماء القلب لأن منها ينزل غيث الإلهام والقلب أرضها لأنه فيه ينبت زهر الحكمة ونور المعرفة {وَجَعَلَ الظلمات} أي وأنشأ في عالم الجسم ظلمات المراتب التي هي حجب ظلمانية للذات المقدس وأنشأ في عالم الأرواح نور العلم والإدراك، ويقال: الظلمات الهواجس والخواطر الباطلة والنور الإلهام وقال بعضهم: الظلمات أعمال البدن والنور أحوال القلب. ثم بعد ظهور ذلك {الذين كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ يَعْدِلُونَ} [الأنعام: 1] غيره ويثبتون معه سبحانه وتعالى من يساويه في الوجود وهو الله الذي لا نظير له في سائر صفاته {هُوَ الذي خَلَقَكُمْ مّن طِينٍ} وهو طين المادة الهيولانية {ثُمَّ قَضَى أَجَلًا} أي حدًا معينًا من الزمان إذا بلغه السالك إلى ربه سبحانه وتعالى فنى فيه عز شأنه {وَأَجَلٌ مُّسمًّى عِندَهُ} وهو البقاء بعد الفناء، وقيل: الأجل الأول هو الذي يقتضيه الاستعداد طبعًا بحسب الهوية وهو المسمى أجلًا طبيعيًا للشخص بالنظر إلى مزاجه الخاص وتركيبه المخصوص بلا اعتبار عارض من العوارض الزمانية.ونكر لأنه من أحكام القضاء السابق الذي هو أم الكتاب وهي كلية منزهة عن التشخصات إذ محلها الروح الأول المقدس. والأجل الثاني هو الأجل المقدر الزماني الذي يقع عند اجتماع الشرائط وارتفاع الموانع وهو مثبت في كتاب النفس الفلكية التي هي لوح القدر {ثُمَّ أَنتُمْ} بعد ما علمتم ذلك {تَمْتَرُونَ} [الأنعام: 2] وتشكون في تصرفه فيكم كما يشاء {وَهُوَ الله فِي السموات وَفِى الأرض} أي سواء ألوهيته بالنسبة إلى العالم العلوي والسفلي {يَعْلَمُ سِرَّكُمْ} في عالم الأرواح وهو عالم الغيب {وَجَهْرَكُمْ} في عالم الأجسام وهو عالم الشهادة {وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ} [الأنعام: 3] فيهما من العلوم والحركات والسكنات وغيرها فيجازيكم بحسبها، وقيل: المعنى يعلم جولان أرواحكم في السماء لطلب معادن الأفراح وتقلب أشباحكم في الأرض لطلب الوسيلة إلى مشاهدته ويعلم ما تحصلونه بذلك {وَمَا تَأْتِيهِم مّنْ ءايَةٍ مّنْ ءايات رَبّهِمْ} الأنفسية والآفاقية {إِلاَّ كَانُواْ عَنْهَا مُعْرِضِينَ} [الأنعام: 4] لسوء اختيارهم وعمى أعينهم عن مشاهدة أنوار الله تعالى الساطعة على صفحات الوجود {وَقَالُواْ} لضعف يقينهم {لَوْلا أُنزِلَ عَلَيْهِ مَلَكٌ} فنراه لتزول شبهتنا {وَلَوْ أَنزَلْنَا مَلَكًا لَّقُضِىَ الامر} [الأنعام: 8] أي أمر هلاكهم لعدم قدرتهم على تحمل مشاهدته {وَلَوْ جعلناه مَلَكًا لجعلناه رَجُلًا} [الأنعام: 9] ليمكنهم مشاهدته {قُل لّمَن مَّا فِي السموات والأرض} أي ما في العالمين {قُل لِلَّهِ} إيجادًا وإفناءً {كَتَبَ على نَفْسِهِ الرحمة}. قال سيدي الشيخ الأكبر قدس الله تعالى سره: إن رحمة الله تعالى عامة وهي نعمة الامتنان التي تنال من غير استحقاق، وهي المرادة في قوله تعالى: {فَا رَحْمَةٍ مّنَ الله لِنتَ لَهُمْ} [آل عمران: 159] وإليها الإشارة بالرحمن في البسملة وخاصة وهي الواجبة المرادة بقوله تعالى: {فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ} [الأعراف: 156] وإليها الإشارة بالرحيم فيها. ويشير كلامه قدس الله تعالى سره في الفتوحات إلى أن ما في الآية هو الرحمة الخاصة، ومقتضى السياق أنها الرحمة العامة.وذكر قدس الله تعالى سره في أثناء الكلام على الرحمة وقول الله عز شأنه يوم القيامة شفعت الملائكة وشفعت النبيون والمؤمنون وبقي أرحم الراحمين إن رحمة الله تعالى سبقت غضبه كما في الخبر فهي أمام الغضب فلا يزال غضب الله تعالى يجري في شأواه بالانتقام من العباد حتى ينتهي إلى آخر مداه فيجد الرحمة قد سبقته فتتناول منه العبد المغضوب عليه فتبسط عليه ويرجع الحكم لها فيه، والمدى الذي يقطعه الغضب ما بين {الرحمن الرحيم} [الفاتحة: 1] الذي في البسملة وبين {الرحمن الرحيم} [الفاتحة: 3] الذي بعد {الحمد لله رب العالمين}[الفاتحة: 2]. فالحمد لله رب العالمين هو المدى وأوله وآخره ما قد علمت، وإنما كان ذلك عين المدى لأن فيه يظهر السراء والضراء، ولهذا كان فيه الحمد وهو الثناء ولم يقيد بسراء ولا ضراء فيعمهما، ويقول الشرع في حمد السراء: الحمد لله المنعم المتفضل، ويقول في حمد الضراء: الحمد لله على كل حال، فالحمد لله قد جاء في السراء والضراء فلهذا كان عين المدى، وما من أحد في الدار الآخرة إلا وهو يحمد الله تعالى ويرجو رحمته ويخاف عذابه واستمراره عليه فجعل الله تعالى عقيب {الحمد للَّهِ رَبّ العالمين} {الرحمن الرحيم} فالعالم بينهما بما هو عليه من محمود ومذموم، وهذا شبيه بما جاء في سورة ألم نشرح وهو تنبيه عجيب منه سبحانه وتعالى لعباده ليتقوى عندهم الرجاء والطمع في رحمة الله تعالى. وأنت إذا التفت أدنى التفات تعلم أنه ما من أثر من آثار البطش إلا وهو مطرز برحمة الله تعالى بل ما من سعد ونحس إلا وقد خرج من مطالع أفلاك الرحمة التي أفاضت شآبيبها على القوابل حسب القابليات؛ ومما يظهر سبق الرحمة أن كل شيء موجود مسبوق بتعلق الإرادة بإيجاده وإخراجه من حيز العدم الذي هو معدن كل نقص، ولا ريب في أن ذلك رحمة كما أنه لا ريب في سبقه، نعم تنقسم الرحمة من بعض الحيثيات إلى قسمين، رحمة محضة لا يشوبها شيء من النقمة كنعيم الجنة وهي الطالعة من بروح اسمه سبحانه الرحيم ولكونه صلى الله عليه وسلم يحب دخول أمته الجنة ويكره لهم النار سماه الحق عز اسمه الرحيم في قوله سبحانه وتعالى: {عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بالمؤمنين رَءوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة: 128]، ورحمة قد يشوبها نقمة كتأديب الولد بالضرب رحمة به وكشرب الدواء المر البشع وهي المشرقة من مطالع آفاق اسمه عز اسمه الرحمن، ولعل هذه الرحمة العامة هي المرادة في قوله تعالى: {وَمَا أرسلناك إِلاَّ رَحْمَةً للعالمين} [الأنبياء؛ 107] ثم اعلم أن سبق الرحمة الغضب يقتضي ظاهرًا سبق تجليات الجمال على تجليات الجلال لأن الرحمة من الجمال والغضب من الجلال.وذكر مولانا الشيخ عبد الكريم الجيلي قدس سره أن الجلال أسبق من الجمال. فقد ورد في الحديث: «العظمة إزاري والكبرياء ردائي» ولا أقرب من ثوب الرداء والإزار إلى الشخص. ثم قال: ولا يناقض هذا قوله جل شأنه: «سبقت رحمتي غضبي» فإن الرحمة السابقة إنما هي بشرط العموم والعموم من الجلال. وادعى أن الصفة الواحدة الجمالية إذا استوفت كمالها في الظهور أو قاربت سميت جلالًا لقوة ظهور سلطان الجمال فمفهوم الرحمة من الجمال وعمومها وانتهاؤها جلال، وأنت تعلم أنه إذا فسر السبق بالمعنى الذي نقله النووي عن العلماء سابقًا وهو الكثرة والشمول فهو مما لا ريب في تحققه في الرحمة إذ في كل غضب رحمة وليس في كل رحمة غضب كما لا يخفى على من حقق النظر.وبالجملة في رحمته سبحانه مطمع أي مطمع حتى أن إبليس يرجوها يوم القيامة على ما يدل عليه بعض الآثار. وأحظى الناس بها إن شاء الله تعالى هذه الأمة. نسأل الله تعالى لنا ولكم الحظ الأوفر منها {لَيَجْمَعَنَّكُمْ إلى يَوْمِ القيامة} الصغرى أو الكبرى {لاَ رَيْبَ فِيهِ} في نفس الأمر وإن لم يشعر به المحجوبون {الذين خَسِرُواْ أَنفُسَهُم} بإهلاكها في الشهوات واللذات الفانية فحجبوا عن الحقائق الباقية النورانية واستبدلوا بها المحسوسات الفانية الظلمانية {فَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ} [الأنعام: 21] لذلك، نسأل الله سبحانه وتعالى العفو والعافية في الدين والدنيا والآخرة.
|